تونس .. مصر .. ياريت كان العكس

كان السؤال الذي تردد كثير هل تتبع ثورة مصر نفس خطوات ثورة تونس وهل الثورة المصرية تسير في نفس الخطوات وتصل لنفس النتيجة ، وما تاثير تونس على الثورة المصرية.

في البدء افرد الباحثون النقاش لاختلاف التجربة التونسية عن المصرية وارجعوا ذلك لعوامل كثيرة ، ولكن مما لا يدع مجال للشك الان وبعد مرور 10 ايام على ثورة مصر ان التجربة التونسية اثرت بالسلب على ثورة مصر.

نعم . فلو حدثت الثورة المصرية قبل التونسية لاتت بجميع المطالب التي اعلنها الشباب بعد اقل من اسبوع من بدء الثورة، ولكن الامد طال والمنتفعين والطابور الخامس يحاولون الالتفاف على الثورة لافراغها من النتائج.

فالهدف الاول للثورة كان العدالة الاجتماعية والتخلص من الفساد وتزاوج المال والسلطة ، ومن المعلوم ان اغلب رجال الاعمال هم السبب الرئيسي والمباشر في كل ذلك ، ومعلوم ايضا ان اغلب هؤلاء يخرجون اموالهم لبنوك اوروبا اولا باول وما لهم من اموال في بنوك مصر فتات يمكنهم تركه عند اول هزة تمر بها مر، فترك البلد هو الخيار الاول لينعموا باموالهم في الخارج.

وازعم ان هذا السيناريو هو الحقيقة ، ولكن تبقى التجربة التونسية نصب اعينهم فبعد خلع الرئيس زين العابدين وهروبه الى جدة اعلنت فرنسا عن تجميد ارصدته في بنوكها ، ثما جاءت الصاعقة باعلان سويسرا عن نفس القرار ثم تبعتها بريطانيا ومن ورائها سائر بلدان الاتحاد الاوربي .

هذه النتجية جعلت الفاسدون من رجال الاعمال يغيروا الخطط فالهروب ربما يعني خسارة كل ما سرقوه من البلد ويجعلهم يعيشون على الكفاف في الخارج ، والبقاء في مصر يجعلهم مهددين بالملاحقات القانونية والتهديد بالحبس .

فكان الخيار الوقوف بجوار النظام القائم بكل ما اوتو من قوة ، وهذا يفسر حرصهم الشديد على افشال الثورة وخروجها بدون نتائج لتمر الفترة القادمة على خير ويستطعوا تعديل اوضاعهم واعادة ترتيب الاوارق للخروج بشكل مشرف من الازمة.

لذلك قاموا بتاجير بلطجية وتهديد العاملون في شركاتهم ومصانعهم بالرفت اذا لم يخروج في تظاهرات لتاييد الرئيس مبارك لخلق واقع جديد بمظاهرات مؤيدة تحفظ للنظام ماء وجهه في الاحتفاظ بالسلطة تحت ذريعة انقسام الشارع المصري.

والشق الثاني من الخطة تاجير بلطجية لارهاب المعتصمين بميدان التحرير وترويعهم لقينهم ان هؤلاء الشباب مسالم لن يحتمل 10 دقائق من ترويع البلطجية في موقف غريب للجيش.

ولكن ما حدث يفوق الخيال ، فقد صمد المتظاهرون لهجوم البلجية، بل تعدوا المفاجأة وجهزوا صفوفهم لملاقاة المهاجمين في تخطيط بديع يدرس في الكليات العسكرية ، فتسم تقسيم مجموعات ، الاولي لاجلاء الجرحي ومساعدة الاطباء ، واخري تكسر الاحجار الكبيرة لتكوين مخزون من الطوب - السلاح الوحيد المتاح لديهم لصد الهجوم - .

ومجموعة تحمل الطوب للصفوف الامامية ، والصفوف الامامية التي تقوم بالقذف على المهاجمين ، بخلاف مجموعة تقوم بملئ زجاجات المياه وتمر بها على الجميع، مع تبديل المواقع كل فترة فالمتعب يذهب ليستريح ويحل محله اخر.

وتجميع النساء والاطفال في جامع عمر مكرم وحراستهم ىنها الجهة الوحيدة التي لم يتم الهجوم منها نظرا لقربها من السفارة الامريكية والبريطانيا .

هذا التنظيم والانتصار للعزل بهر الجميع واسقط في يد الساسة والمدبرون مما جعلهم يقولوا ان الاخوان المسلمون وراء كل ذلك مما ينافي الحقيقة بالمرة .

وفي النهاية يبقى سؤال اذا كان كل هؤلاء الملايين ينتمون الى الاخوان ، وباعتراف جميع الساسة بما فيهم سيادة النائب عمر سليمان
وبما ان لدى الاخوان هذه القدرة الفائقة على التنظيم والموجهة والتنفيذ والشجاعة لماذا يتم منعهم من ممارسة حقوقهم السياسة وادارة البلاد .

وبالاخص بعد ما تاكدت من المشهد في ميدان التحرير ان جماعة الاخوان المسلمين تضم بين صفوفها جورج وريمون واستيفن، فهل يظل الوضع ورد الفعل الحكومي كما هو ، ام سيحرك الشباب الاحداث مرة اخرى .