أحداث ليبيا وسوريا

كتب سيد أمين لجريدة الأسبوع عن أحداث ليبيا وسوريا يقول :



ما يحدث الان في ليبيا لا يمكن أن يكون ثورة وطنية , وما ارتكبه الاخوة في بنغازي من إثم لا يغفره أبدا ما يتحدثون عنه من منافع.

فالثائر الوطني لا يمد يده مطلقا للاجانب طالبا صواريخهم وقنابلهم لتدك أبناء بلده وتسويهم بالارض حتي لو كانوا اعداء له , ولو كان ذلك جائزا لكان هناك ثمة خلل في فقه الوطنية والولاء , علما بأن الشرع الاسلامي يؤمن بأن درأ المفاسد مقدم علي جلب المنافع بمعني أن الابتعاد عما فيه شر - اي الأجنبي في تلك الحالة - مقدم علي جلب المنافع - اي الديمقراطية.

في الحقيقة أنا اتصور ان الاخوة الليبييين في بنغازي قد وقعوا في خطأين جسيمين – دون قصد – الأول منهما حينما سمحوا لانفسهم بتحويل مطالبهم الاجتماعية والراغبة في التغيير الي ثورة مسلحة في بلد له صبغة قبلية ويمتلك كل فرد فيه معارضة وموالاة سلاحا , والثاني حينما زادوا الطين بلة وسمحوا لأنفسهم بأن يكونوا مطية – للولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا – بطلبهم منها التدخل عسكريا وهي القوي التي تسعي للقفز علي ثورتهم وتحويرها لحسابات استعمارية , واذكّرهم بالثورة اليمنية الذي تتشابه ظروف شعبها مع الشعب الليبي من حيث الشعب المسلح ومطالب التغيير حيث لم يشهر الثوار سلاحهم في وجه السلطة ودائما ما رددوا في هتافاتهم "سلمية سلمية" رغم تساقط الشهداء بينهم.

لقد خسر الغرب في هذا العام "2011" وبشكل مفاجيء أهم حليفين له في الشرق الاوسط والمتمثلين في نظام مبارك في مصر ونظام بن علي في تونس والذين كانا يشكلا مع النظام السعودي مثلث الانبطاح العربي والمحور المجهض لأي حركة تحرر عربية , ولذلك كان لزاما علي تلك القوي الغربية السعي لوقف الهروب الجماعي للنظم العربية من القفص الغربي ووقف نزيف التحرر العربي واجهاض ثوراتهم وتحويرها الي مسار ترتضيه , وبما انه فقد حليفين قويين له فقد فكر في ان يقوم باحلالهما بسوريا وليبيا بعد تغيير نظاميهما المعاديين له مستغلا في ذلك اجواء "الثورات العربية" التي حازت علي تعاطف العالم ومرتديا نفس رداءتها بأن الشعوب تريد الحرية وهي كلمة حق اريد بها – في هذين النموذجين فقط – باطلا , بدليك تركيز وسائل الاعلام العالمية والعربية علي ليبيا وسوريا واحيانا اليمن تضخيما وتركيزا علي مساويء تلك النظم دون محاسنها.

مع أن العالم العربي يغلي بثورات حقيقية وأكثر إلحاحا ضد القهر والفساد والتعذيب والقتل والعمالة للخارج كما هو الحال في العراق والبحرين والمغرب والجزائر , ورغم ذلك لم نسمع صوتا غربيا يندد بما يحدث هناك وان فعل فهو يفعله عل حياء وذرا للرماد في العيون.

والمدهش في هذا الصدد أن العالم التزم الصمت المريب تجاه المجازر – ولست مبالغا - التي يرتكبها نوري المالكي وحكومته الموالية للاحتلال الامريكي ضد المعتصمين في ساحة التحرير ببغداد منذ شهرين تقريبا.

وعلي ما يبدو ان قوي الاستعمار الغربية سعت للحيلولة دون التحام الثورات الشعبية العربية بعضها ببعض مما قد يهييء الأجواء للوحدة العربية الكبري فراحت تشغل الحواجز بين القطرين المصري والتونسي من خلال التواجد علي الاراضي الليبية بشكل مباشر أو من خلال نظم تواليه يقوم هو بتنصيبها.

كما وجد الغرب فرصة ذهبية قد لا تتكرر للتخلص من سوريا التي تشكل عقبة كئود حالت فيما مضي دون الانبطاح التام للامة العربية مستغلا المطالب الاجتماعية العادلة لغاضبين سوريين وراحت "الحرة" والـ"بي بي سي" و"العربية" تحرض علي اشعال الثورة , بينما ظهر جليا عبث اجهزة الاستخبارات الامريكية والاسرائيلية والسعودية في اشعال الاحداث.

ويمكننا ان نجزم الان ان أياد صهيونية تعبث في احداث ليبيا وسوريا وتحاول من خلال تغيير نظامي الحكم فيهما باحلال نظم اخري مكانهما وتحاول تحقيق الثورة المضادة للثورات العربية من خلالهما.

وانا اتوقع ان نظاما جديدا في ليبيا هو خنجر مغروس في ظهر مصر وخاصرة تونس وان نظاما جديدا في سوريا هو سقوط مدوي لكل مشروعات المقاومة العربية.

انا لا ادافع عن نظامي بشار والقذافي واقف دائما مع حق الشعوب في الحرية ولكن اخشي فقط الوقوع تحت نير الاستعمار مجددا , أو أن نستبدل ديكتاتورية محلية باخري عميلة للاجنبي واعلم ان كلمة يجب ان تقال لا يصح ان نكتمها.