بحـث
المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
TOTO | ||||
رحيق الجنة | ||||
layaly | ||||
الشيماء | ||||
همس الحنين | ||||
محمد اليوسف | ||||
مسلمة وأفتخر | ||||
اسماء | ||||
صلاح الدين | ||||
اسيل |
عدد الزائرين للموقع
باب فِي الْمَرْأَةِ تَرْقِي الرَّجُلَ
2 مشترك
Arab-Venus :: :: الطب النبوى
صفحة 1 من اصل 1
باب فِي الْمَرْأَةِ تَرْقِي الرَّجُلَ
باب فِي
الْمَرْأَةِ تَرْقِي الرَّجُلَ
الشرح:
قوله: (باب المرأة ترقي الرجل)
ذكر فيه حديث عائشة، وفيه قولها " كان ينفث على نفسه في مرضه الذي قبض فيه
بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنا أنفث عليه " وقد تقدم قبل بباب من رواية يونس عن ابن
شهاب أنه صلى الله عليه وسلم أمرها بذلك، وزاد في رواية معمر هنا كيفية ذلك فقال "
ينفث على يديه، ثم يمسح بهما وجهه".
باب مَنْ لَمْ
يَرْقِ
الشرح:
قوله: (باب من لم يرق) هو بفتح
أوله وكسر القاف مبنيا للفاعل، وبضم أوله وفتح القاف مبنيا
للمفعول.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا
حُصَيْنُ بْنُ تميز عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خبير
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْماً فَقَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الامَمُ
فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلانِ
وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ وَرَأَيْتُ
سَوَاداً كَثِيراً سَدَّ الافُقَ فَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي فَقِيلَ هَذَا
مُوسَى وَقَوْمُهُ ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ فَرَأَيْتُ سَوَاداً كَثِيراً سَدَّ
الافُقَ فَقِيلَ لِي انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا فَرَأَيْتُ سَوَاداً كَثِيراً سَدَّ
الافُقَ فَقِيلَ هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ وَمَعَ هَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفاً يَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ
فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا
أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا فِي الشِّرْكِ وَلَكِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَلَكِنْ هَؤُلاءِ هُمْ أَبْنَاؤُنَا فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ هُمْ الَّذِينَ لا يَتَطَيَّرُونَ وَلا يَسْتَرْقُونَ وَلا
يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ
فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ
أَمِنْهُمْ أَنَا فَقَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ
الشرح:
قوله: (حصين بن نمير) بنون مصغر
هو الواسطي، ما له في البخاري سوى هذا الحديث، وقد تقدم بهذا الاسناد في أحاديث
الانبياء لكن باختصار، وتقدم الحديث بعينه من وجه آخر عن حصين بن عبد الرحمن في "
باب من اكتوى " وذكرت من زاد في أوله قصة وأن شرحه سيأتي في كتاب الرقاق، والغرض
منه هنا قوله " هم الذين لا يتطيرون ولا يكتوون ولا يسترقون " فأما الطيرة فسيأتي
ذكرها بعد هذا، وأما الكي فتقدم ذكرها فيه هناك، وأما الرقية فتمسك بهذا الحديث من
كره الرقى والكي من بين سائر الادوية وزعم أنهما قادحان في التوكل دون غيرهما،
وأجاب العلماء عن ذلك بأجوبة: أحدها قاله الطبري والمازري وطائفة أنه محمول على من
جانب اعتقاد الطبائعيين في أن الادوية تنفع بطبعها كما كان أهل الجاهلية
يعتقدون.
وقال غيره: الرقى التي يحمد
تركها ما كان من كلام الجاهلية وما الذي لا يعقل معناه لاحتمال أن يكون كفرا، بخلاف
الرقى بالذكر ونحوه.
وتعقبه عياض وغيره بأن الحديث
يدل على أن للسبعين ألفا مزية على غيرهم وفضيلة انفردوا بها عمن شاركهم في أصل
الفضل والديانة، ومن كان يعتقد أن الادوية تؤثر بطبعها أو يستعمل رقى الجاهلية
ونحوها فليس مسلما فلم يسلم هذا الجواب.
ثانيها قال الداودي وطائفة إن
المراد بالحديث الذين يجتنبون فعل ذلك في الصحة خشية وقوع الداء، وأما من يستعمل
الدواء بعد وقوع الداء به فلا، وقد قدمت هذا عن ابن قتيبة وغيره في " باب من
اكتوى"، وهذا اختيار ابن عبد البر، غير أنه معترض بما قدمته من ثبوت الاستعاذة قبل
وقوع الداء.
ثالثها قال الحليمي: يحتمل أن
يكون المراد بهؤلاء المذكورين في الحديث من غفل عن أحوال الدنيا وما فيها من
الاسباب المعدة لدفع العوارض، فهم لا يعرفون الاكتواء ولا الاسترقاء، وليس لهم ملجأ
فيما يعتريهم إلا الدعاء والاعتصام بالله، والرضا بقضائه، فهم غافلون عن طب الاطباء
ورقى الرقاة ولا يحسنون من ذلك شيئا، والله أعلم.
رابعها أن المراد بترك الرقى
والكي الاعتماد على الله في دفع الداء والرضا بقدره، لا القدح في جواز ذلك لثبوت
وقوعه في الاحاديث الصحيحة وعن السلف الصالح لكن مقام الرضا والتسليم أعلى من تعاطي
الاسباب، وإلى هذا نحا الخطابي ومن تبعه.
قال ابن الاثير: هذا من صفة
الاولياء المعرضين عن الدنيا وأسبابها وعلائقها، وهؤلاء هم خواص
الاولياء.
ولا يرد على هذا وقوع ذلك من
النبي صلى الله عليه وسلم فعلا وأمرا، لانه كان في أعلى مقامات العرفان ودرجات
التوكل فكان ذلك منه للتشريع وبيان الجواز، ومع ذلك فلا ينقص ذلك من توكله، لانه
كان كامل التوكل يقينا فلا يؤثر فيه تعاطي الاسباب شيئا، بخلاف غيره ولو كان كثير
التوكل، لكن من ترك الاسباب وفوض وأخلص في ذلك كان أرفع
مقاما.
قال الطبري: قيل لا يستحق التوكل
إلا من لم يخالط قلبه خوف من شيء البتة حتى السبع الضاري والعدو العادي، ولا من لم
يسع في طلب رزق ولا في مداواة ألم، والحق أن من وثق بالله وأيقن أن قضاءه عليه ماض
لم يقدح في توكله تعاطيه الاسباب اتباعا لسنته وسنة رسوله، فقد ظاهر صلى الله عليه
وسلم في الحرب بين درعين، ولبس على رأسه المغفر، وأقعد الرماة على فم الشعب، وخندق
حول المدينة، وأذن في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة، وهاجر هو، وتعاطى أسباب
الاكل والشرب، وادخر لاهله قوتهم ولم ينتظر أن ينزل عليه من السماء، وهو كان أحق
الخلق أن يحصل له ذلك.
وقال الذي سأله: أعقل ناقتي أو
أدعها؟ قال: " اعقلها وتوكل " فأشار إلى أن الاحتراز لا يدفع التوكل، والله
أعلم.
باب الطِّيَرَةِ
الشرح:
قوله
(باب الطيرة) بكسر المهملة وفتح التحتانية وقد تسكن، هي التشاؤم بالشين، وهو مصدر
تطير مثل تحير حيرة.
قال
بعض أهل اللغة لم يجيء من المصادر هكذا غير هاتين، وتعقب بأنه سمع طيبة، وأورد
بعضهم التولة وفيه نظر، وأصل التطير أنهم كانوا في الجاهلية يعتمدون على الطير فإذا
خرج أحدهم لامر فإن رأى الطير طار يمنة تيمن به واستمر، وإن رآه طار يسرة تشاءم به
ورجع، وربما كان أحدهم يهيج الطير ليطير فيعتمدها، فجاء الشرع بالنهي عن ذلك،
وكانوا يسمونه السانح بمهملة ثم نون ثم حاء مهملة، والبارح بموحدة وآخره مهملة،
بالسانح ما ولاك ميامنه بأن يمر عن يسارك إلى يمينك، والبارح
بالعكس.
وكانوا يتيمنون بالسانح ويتشاءمون بالبارح، لانه لا يمكن رميه إلا بأن
ينحرف إليه، وليس في شيء من سنوح الطير وبروحها ما يقتضي ما اعتقدوه، وإنما هو تكلف
بتعاطي ما لا أصل له، إذ لا نطق للطير ولا تمييز فيستدل بفعله على مضمون معنى فيه،
وطلب العلم من غير مظانه جهل من فاعله، وقد كان بعض عقلاء الجاهلية ينكر التطير
ويتمدح بتركه، قال شاعر منهم: ولقد غدوت وكنت لا أغدو على واق وحاتم فإذا الاشائم
كالايامن والايامن كالاشائم وقال آخر: الزجر والطير والكهان كلهم مضللون ودون الغيب
أقفال وقال آخر: وما عاجلات الطير تدني من الفتى نجاحا، ولا عن ريثهن قصور وقال
آخر: لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى ولا زاجرت الطير ما الله صانع وقال آخر: تخير
طيرة فيها زياد لتخبره، وما فيها خبير تعلم أنه لا طير إلا على متطير، وهو الثبور
بلى شيء يوافق بعض شيء أحايينا، وباطله كثير وكان أكثرهم يتطيرون ويعتمدون على ذلك
ويصح معهم غالبا لتزيين الشيطان ذلك، وبقيت من ذلك بقايا في كثير من
المسلمين.
وقد
أخرج ابن حبان في صحيحه من حديث أنس رفعه " لا طيرة، والطيرة على من تطير " وأخرج
عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم " ثلاثة لا
يسلم منهن أحد: الطيرة، والظن، والحسد.
فإذا
تطيرت فلا ترجع، وإذا حسدت فلا تبغ، وإذا ظننت فلا تحقق " وهذا مرسل أو معضل، لكن
له شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه البيهقي في " الشعب " وأخرج ابن عدي بسند لين عن
أبي هريرة رفعه " إذا تطيرتم فامضوا، وعلى الله فتوكلوا " وأخرج الطبراني عن أبي
الدرداء رفعه " لن ينال الدرجات العلا من تكهن، أو استقسم، أو رجع من سفر تطيرا "
ورجاله ثقات، إلا أنني أظن أن فيه انقطاعا وله شاهد عن عمران بن حصين وأخرجه البزار
في أثناء حديث بسند جيد.
وأخرج
أبو داود والترمذي وصححه هو وابن حبان عن ابن مسعود رفعه " الطيرة شرك، وما منا إلا
تطير، ولكن الله يذهبه بالتوكل " وقوله " وما منا إلا " من كلام ابن مسعود أدرج في
الخبر، وقد بينه سليمان بن حرب شيخ البخاري فيما حكاه الترمذي عن البخاري عنه،
وإنما جعل ذلك شركا لاعتقادهم أن ذلك يجلب نفعا أو يدفع ضرا، فكأنهم أشركوه مع الله
تعالى، وقوله "ولكن الله يذهبه بالتوكل " إشارة إلى أن من وقع له فسلم لله ولم يعبأ
بالطيرة أنه لا يؤاخذ بما عرض له من ذلك.
وأخرج
البيهقي في " الشعب " من حديث عبد الله بن عمرو موقوفا " من عرض له من هذه الطيرة
شيء فليقل: اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله
غيرك".
الحديث:
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ
عُمَرَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَالشُّؤْمُ فِي ثَلاثٍ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ
وَالدَّابَّةِ
الشرح:
قوله:
(لا عدوى، ولا طيرة، والشؤم في ثلاث) قد تقدم شرح هذا الحديث وبيان اختلاف الرواة
في سياقه في كتاب الجهاد، والتطير والتشاؤم بمعني واحد، فنفى أولا بطريق العموم كما
نفى العدوى، ثم اثبت الشؤم في الثلاثة المذكورة، وقد ذكرت ما قيل في ذلك
هناك.
وقد
وقع في حديث سعد بن أبي وقاص عند أبي داود بلفظ " وإن كانت الطيرة في شيء "
الحديث.
الحديث:
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ
قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا
هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ لا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ
الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ
الشرح:
قوله
(لا طيرة، وخيرها الفأل) يأتي شرحه في الباب الذي بعده، وكأنه أشار بذلك إلى أن
النفي في الطيرة على ظاهره لكن في الشر، ويستثنى من ذلك ما يقع فيه من الخير كما
سأذكره.
باب الْفَأْلِ
الشرح:
قوله:
(باب الفأل) بفاء ثم همزة وقد تسهل، والجمع فئول بالهمزة
جزما.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ قَالَ وَمَا
الْفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا
أَحَدُكُمْ
الشرح:
قوله:
(عن عبيد الله بن عبد الله) أي ابن عتبة بن مسعود، وقد صرح في رواية شعيب التي قبل
هذه فيه بالاخبار.
قوله:
(قال وما الفأل) ؟ كذا للاكثر بالافراد، وللكشميهني " قالوا " كرواية
شعيب.
قوله:
(الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم) وقال في حديث أنس ثاني حديثي الباب " ويعجبني الفأل
الصالح، الكلمة الحسنة".
وفي
حديث عروة بن عامر الذي أخرجه أبو داود قال " ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال: خيرها الفأل، ولا ترد مسلما، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم
لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله "
وقوله " وخيرها الفأل " قال الكرماني تبعا لغيره: هذه الاضافة تشعر بأن الفأل من
جملة الطيرة، وليس كذلك بل هي إضافة توضيح، ثم قال: وأيضا فإن من جملة الطيرة كما
تقدم تقريره التيامن، فبين بهذا الحديث أنه ليس كل التيامن مردودا كالتشاؤم، بل بعض
التيامن مقبول.
قلت:
وفي جواب الاول دفع في صدر السؤال، وفي الثاني تسليم السؤال ودعوى التخصيص وهو أقرب
وقد أخرج ابن ماجه بسند حسن عن أبي هريرة رفعه " كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة "
وأخرج الترمذي من حديث حابس التميمي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول " العين
حق، وأصدق الطيرة الفأل " ففي هذا التصريح أن الفأل من جملة الطيرة لكنه
مستثنى.
وقال
الطيبي: الضمير المؤنث في قوله " وخيرها " راجع إلى الطيرة، وقد علم أن الطيرة كلها
لا خير فيها، فهو كقوله تعالى (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا) وهو مبني على زعمهم،
وهو من إرخاء العنان في المخادعة بأن يجري الكلام على زعم الخصم حتى لا يشمئز عن
التفكر فيه، فإذا تفكر فأنصف من نفسه قبل الحق، فقوله " خيرها الفأل " إطماع للسامع
في الاستماع والقبول، لا أن في الطيرة خيرا حقيقة، أو هو من نحو قولهم " الصيف أحر
من الشتاء " أي الفأل في بابه أبلغ من الطيرة في بابها.
والحاصل أن أفعل التفضيل في ذلك إنما هو بين القدر المشترك بين الشيئين،
والقدر المشترك بين الطيرة والفأل تأثير كل منهما فيما هو فيه، والفأل في ذلك
أبلغ.
قال
الخطابي: وإنما كان ذلك لان مصدر الفأل عن نطق وبيان، فكأنه خبر جاء عن غيب، بخلاف
غيره فإنه مستند إلى حركة الطائر أو نطقه وليس فيه بيان أصلا، وإنما هو تكلف ممن
يتعاطاه.
وقد
أخرج الطبري عن عكرمة قال: كنت عند ابن عباس فمر طائر فصاح، فقال رجل: خير خير،
فقال ابن عباس: ما عند هذا لا خير ولا شر.
وقال
أيضا الفرق بين الفأل والطيرة أن الفأل من طريق حسن الظن بالله، والطيرة لا تكون
إلا في السوء فلذلك كرهت.
وقال
النووي: الفأل يستعمل فيما يسوء وفيما يسر، وأكثره في
السرور.
والطيرة لا تكون إلا في الشؤم، وقد تستعمل مجازا في السرور ا
ه.
وكأن
ذلك بحسب الواقع، وأما الشرع فخص الطيرة بما يسوء والفأل بما يسر، ومن شرطه أن لا
يقصد إليه فيصير من الطيرة.
قال
ابن بطال: جعل الله في فطر الناس محبة الكلمة الطيبة والانس بها كما جعل فيهم
الارتياح بالمنظر الانيق والماء الصافي وإن كان لا يملكه ولا
يشربه.
وأخرج
الترمذي وصححه من حديث أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج لحاجته يعجبه
أن يسمع: يا نجيح يا راشد " وأخرج أبو داود بسند حسن عن بريدة " أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث عاملا يسأل عن اسمه، فإذا أعجبه فرح
به، وإن كره اسمه رؤي كراهة ذلك في وجهه " وذكر البيهقي في " الشعب " عن الحليمي ما
ملخصه: كان التطير في الجاهلية في العرب إزعاج الطير عند إرادة الخروج للحاجة، فذكر
نحو ما تقدم ثم قال.
وهكذا
كانوا يتطيرون بصوت الغراب وبمرور الظباء فسموا الكل تطيرا، لان أصله
الاول.
وقال.
وكان
التشاؤم في العجم إذا رأى الصبي ذاهبا إلى المعلم تشاءم أو راجعا تيمن، وكذا إذا
رأى الجمل موقرا حملا تشاؤم فإن رآه واضعا حمله تيمن، ونحو ذلك، فجاء الشرع برفع
ذلك كله.
وقال
"من تكهن أورده عن سفر تطير فليس منا " ونحو ذلك من
الاحاديث.
وذلك
إذا اعتقد أن الذي يشاهده من حال الطير موجبا ما ظنه ولم يضف التدبير إلى الله
تعالى، فأما إن علم أن الله هو المدبر ولكنه اشفق من الشر لان التجارب قضت بأن صوتا
من أصواتها معلوما أو حالا من أحوالها معلومة يردفها مكروه فإن وطن نفسه على ذلك
أساء، وإن سأل الله الخير واستعاذ به من الشر ومضى متوكلا لم يضره ما وجد في نفسه
من ذلك، وإلا فيؤاخذ به، وربما وقع به ذلك المكروه بعينه الذي اعتقده عقوبة له كما
كان يقع كثيرا لاهل الجاهلية.
والله
أعلم.
قال
الحليمي: وإنما كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل لان التشاؤم سوء ظن بالله تعالى
بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله تعالى على كل
حال.
وقال
الطيبي: معنى الترخص في الفأل والمنع من الطيرة هو أن الشخص لو رأى شيئا فظنه حسنا
محرضا على طلب حاجته فليفعل ذلك.
وإن
رآه بضد ذلك فلا يقبله بل يمضي لسبيله.
فلو
قبل وانتهى عن المضي فهو الطيرة التي اختصت بأن تستعمل في الشؤم.
والله
أعلم.
باب لا هَامَةَ
الشرح:
قوله
(باب لا هامة) كذا للجميع، وذكر فيه حديث أبي هريرة " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة
ولا صفر " ثم ترجم بعد سبعة أبواب " باب لا هامة " وذكر فيه الحديث المذكور مطولا
وليس فيه " ولا طيرة " وهذا من توارد ما اتفق له أن يترجم للحديث في موضعين بلفظ
واحد، وسأذكر شرح الهامة في الموضع الثاني إن شاء الله تعالى، ثم ظهر لي أنه أشار
بتكرار هذه الترجمة إلى الخلاف في تفسير الهامة كما سيأتي بيانه.
الْمَرْأَةِ تَرْقِي الرَّجُلَ
الشرح:
قوله: (باب المرأة ترقي الرجل)
ذكر فيه حديث عائشة، وفيه قولها " كان ينفث على نفسه في مرضه الذي قبض فيه
بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنا أنفث عليه " وقد تقدم قبل بباب من رواية يونس عن ابن
شهاب أنه صلى الله عليه وسلم أمرها بذلك، وزاد في رواية معمر هنا كيفية ذلك فقال "
ينفث على يديه، ثم يمسح بهما وجهه".
باب مَنْ لَمْ
يَرْقِ
الشرح:
قوله: (باب من لم يرق) هو بفتح
أوله وكسر القاف مبنيا للفاعل، وبضم أوله وفتح القاف مبنيا
للمفعول.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا
حُصَيْنُ بْنُ تميز عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ خبير
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْماً فَقَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الامَمُ
فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلانِ
وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ وَرَأَيْتُ
سَوَاداً كَثِيراً سَدَّ الافُقَ فَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي فَقِيلَ هَذَا
مُوسَى وَقَوْمُهُ ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ فَرَأَيْتُ سَوَاداً كَثِيراً سَدَّ
الافُقَ فَقِيلَ لِي انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا فَرَأَيْتُ سَوَاداً كَثِيراً سَدَّ
الافُقَ فَقِيلَ هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ وَمَعَ هَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفاً يَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ
فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا
أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا فِي الشِّرْكِ وَلَكِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَلَكِنْ هَؤُلاءِ هُمْ أَبْنَاؤُنَا فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ هُمْ الَّذِينَ لا يَتَطَيَّرُونَ وَلا يَسْتَرْقُونَ وَلا
يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ
فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ
أَمِنْهُمْ أَنَا فَقَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ
الشرح:
قوله: (حصين بن نمير) بنون مصغر
هو الواسطي، ما له في البخاري سوى هذا الحديث، وقد تقدم بهذا الاسناد في أحاديث
الانبياء لكن باختصار، وتقدم الحديث بعينه من وجه آخر عن حصين بن عبد الرحمن في "
باب من اكتوى " وذكرت من زاد في أوله قصة وأن شرحه سيأتي في كتاب الرقاق، والغرض
منه هنا قوله " هم الذين لا يتطيرون ولا يكتوون ولا يسترقون " فأما الطيرة فسيأتي
ذكرها بعد هذا، وأما الكي فتقدم ذكرها فيه هناك، وأما الرقية فتمسك بهذا الحديث من
كره الرقى والكي من بين سائر الادوية وزعم أنهما قادحان في التوكل دون غيرهما،
وأجاب العلماء عن ذلك بأجوبة: أحدها قاله الطبري والمازري وطائفة أنه محمول على من
جانب اعتقاد الطبائعيين في أن الادوية تنفع بطبعها كما كان أهل الجاهلية
يعتقدون.
وقال غيره: الرقى التي يحمد
تركها ما كان من كلام الجاهلية وما الذي لا يعقل معناه لاحتمال أن يكون كفرا، بخلاف
الرقى بالذكر ونحوه.
وتعقبه عياض وغيره بأن الحديث
يدل على أن للسبعين ألفا مزية على غيرهم وفضيلة انفردوا بها عمن شاركهم في أصل
الفضل والديانة، ومن كان يعتقد أن الادوية تؤثر بطبعها أو يستعمل رقى الجاهلية
ونحوها فليس مسلما فلم يسلم هذا الجواب.
ثانيها قال الداودي وطائفة إن
المراد بالحديث الذين يجتنبون فعل ذلك في الصحة خشية وقوع الداء، وأما من يستعمل
الدواء بعد وقوع الداء به فلا، وقد قدمت هذا عن ابن قتيبة وغيره في " باب من
اكتوى"، وهذا اختيار ابن عبد البر، غير أنه معترض بما قدمته من ثبوت الاستعاذة قبل
وقوع الداء.
ثالثها قال الحليمي: يحتمل أن
يكون المراد بهؤلاء المذكورين في الحديث من غفل عن أحوال الدنيا وما فيها من
الاسباب المعدة لدفع العوارض، فهم لا يعرفون الاكتواء ولا الاسترقاء، وليس لهم ملجأ
فيما يعتريهم إلا الدعاء والاعتصام بالله، والرضا بقضائه، فهم غافلون عن طب الاطباء
ورقى الرقاة ولا يحسنون من ذلك شيئا، والله أعلم.
رابعها أن المراد بترك الرقى
والكي الاعتماد على الله في دفع الداء والرضا بقدره، لا القدح في جواز ذلك لثبوت
وقوعه في الاحاديث الصحيحة وعن السلف الصالح لكن مقام الرضا والتسليم أعلى من تعاطي
الاسباب، وإلى هذا نحا الخطابي ومن تبعه.
قال ابن الاثير: هذا من صفة
الاولياء المعرضين عن الدنيا وأسبابها وعلائقها، وهؤلاء هم خواص
الاولياء.
ولا يرد على هذا وقوع ذلك من
النبي صلى الله عليه وسلم فعلا وأمرا، لانه كان في أعلى مقامات العرفان ودرجات
التوكل فكان ذلك منه للتشريع وبيان الجواز، ومع ذلك فلا ينقص ذلك من توكله، لانه
كان كامل التوكل يقينا فلا يؤثر فيه تعاطي الاسباب شيئا، بخلاف غيره ولو كان كثير
التوكل، لكن من ترك الاسباب وفوض وأخلص في ذلك كان أرفع
مقاما.
قال الطبري: قيل لا يستحق التوكل
إلا من لم يخالط قلبه خوف من شيء البتة حتى السبع الضاري والعدو العادي، ولا من لم
يسع في طلب رزق ولا في مداواة ألم، والحق أن من وثق بالله وأيقن أن قضاءه عليه ماض
لم يقدح في توكله تعاطيه الاسباب اتباعا لسنته وسنة رسوله، فقد ظاهر صلى الله عليه
وسلم في الحرب بين درعين، ولبس على رأسه المغفر، وأقعد الرماة على فم الشعب، وخندق
حول المدينة، وأذن في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة، وهاجر هو، وتعاطى أسباب
الاكل والشرب، وادخر لاهله قوتهم ولم ينتظر أن ينزل عليه من السماء، وهو كان أحق
الخلق أن يحصل له ذلك.
وقال الذي سأله: أعقل ناقتي أو
أدعها؟ قال: " اعقلها وتوكل " فأشار إلى أن الاحتراز لا يدفع التوكل، والله
أعلم.
باب الطِّيَرَةِ
الشرح:
قوله
(باب الطيرة) بكسر المهملة وفتح التحتانية وقد تسكن، هي التشاؤم بالشين، وهو مصدر
تطير مثل تحير حيرة.
قال
بعض أهل اللغة لم يجيء من المصادر هكذا غير هاتين، وتعقب بأنه سمع طيبة، وأورد
بعضهم التولة وفيه نظر، وأصل التطير أنهم كانوا في الجاهلية يعتمدون على الطير فإذا
خرج أحدهم لامر فإن رأى الطير طار يمنة تيمن به واستمر، وإن رآه طار يسرة تشاءم به
ورجع، وربما كان أحدهم يهيج الطير ليطير فيعتمدها، فجاء الشرع بالنهي عن ذلك،
وكانوا يسمونه السانح بمهملة ثم نون ثم حاء مهملة، والبارح بموحدة وآخره مهملة،
بالسانح ما ولاك ميامنه بأن يمر عن يسارك إلى يمينك، والبارح
بالعكس.
وكانوا يتيمنون بالسانح ويتشاءمون بالبارح، لانه لا يمكن رميه إلا بأن
ينحرف إليه، وليس في شيء من سنوح الطير وبروحها ما يقتضي ما اعتقدوه، وإنما هو تكلف
بتعاطي ما لا أصل له، إذ لا نطق للطير ولا تمييز فيستدل بفعله على مضمون معنى فيه،
وطلب العلم من غير مظانه جهل من فاعله، وقد كان بعض عقلاء الجاهلية ينكر التطير
ويتمدح بتركه، قال شاعر منهم: ولقد غدوت وكنت لا أغدو على واق وحاتم فإذا الاشائم
كالايامن والايامن كالاشائم وقال آخر: الزجر والطير والكهان كلهم مضللون ودون الغيب
أقفال وقال آخر: وما عاجلات الطير تدني من الفتى نجاحا، ولا عن ريثهن قصور وقال
آخر: لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى ولا زاجرت الطير ما الله صانع وقال آخر: تخير
طيرة فيها زياد لتخبره، وما فيها خبير تعلم أنه لا طير إلا على متطير، وهو الثبور
بلى شيء يوافق بعض شيء أحايينا، وباطله كثير وكان أكثرهم يتطيرون ويعتمدون على ذلك
ويصح معهم غالبا لتزيين الشيطان ذلك، وبقيت من ذلك بقايا في كثير من
المسلمين.
وقد
أخرج ابن حبان في صحيحه من حديث أنس رفعه " لا طيرة، والطيرة على من تطير " وأخرج
عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم " ثلاثة لا
يسلم منهن أحد: الطيرة، والظن، والحسد.
فإذا
تطيرت فلا ترجع، وإذا حسدت فلا تبغ، وإذا ظننت فلا تحقق " وهذا مرسل أو معضل، لكن
له شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه البيهقي في " الشعب " وأخرج ابن عدي بسند لين عن
أبي هريرة رفعه " إذا تطيرتم فامضوا، وعلى الله فتوكلوا " وأخرج الطبراني عن أبي
الدرداء رفعه " لن ينال الدرجات العلا من تكهن، أو استقسم، أو رجع من سفر تطيرا "
ورجاله ثقات، إلا أنني أظن أن فيه انقطاعا وله شاهد عن عمران بن حصين وأخرجه البزار
في أثناء حديث بسند جيد.
وأخرج
أبو داود والترمذي وصححه هو وابن حبان عن ابن مسعود رفعه " الطيرة شرك، وما منا إلا
تطير، ولكن الله يذهبه بالتوكل " وقوله " وما منا إلا " من كلام ابن مسعود أدرج في
الخبر، وقد بينه سليمان بن حرب شيخ البخاري فيما حكاه الترمذي عن البخاري عنه،
وإنما جعل ذلك شركا لاعتقادهم أن ذلك يجلب نفعا أو يدفع ضرا، فكأنهم أشركوه مع الله
تعالى، وقوله "ولكن الله يذهبه بالتوكل " إشارة إلى أن من وقع له فسلم لله ولم يعبأ
بالطيرة أنه لا يؤاخذ بما عرض له من ذلك.
وأخرج
البيهقي في " الشعب " من حديث عبد الله بن عمرو موقوفا " من عرض له من هذه الطيرة
شيء فليقل: اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله
غيرك".
الحديث:
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ
عُمَرَ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَالشُّؤْمُ فِي ثَلاثٍ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ
وَالدَّابَّةِ
الشرح:
قوله:
(لا عدوى، ولا طيرة، والشؤم في ثلاث) قد تقدم شرح هذا الحديث وبيان اختلاف الرواة
في سياقه في كتاب الجهاد، والتطير والتشاؤم بمعني واحد، فنفى أولا بطريق العموم كما
نفى العدوى، ثم اثبت الشؤم في الثلاثة المذكورة، وقد ذكرت ما قيل في ذلك
هناك.
وقد
وقع في حديث سعد بن أبي وقاص عند أبي داود بلفظ " وإن كانت الطيرة في شيء "
الحديث.
الحديث:
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ
قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا
هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ لا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ
الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ
الشرح:
قوله
(لا طيرة، وخيرها الفأل) يأتي شرحه في الباب الذي بعده، وكأنه أشار بذلك إلى أن
النفي في الطيرة على ظاهره لكن في الشر، ويستثنى من ذلك ما يقع فيه من الخير كما
سأذكره.
باب الْفَأْلِ
الشرح:
قوله:
(باب الفأل) بفاء ثم همزة وقد تسهل، والجمع فئول بالهمزة
جزما.
الحديث:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ
أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ قَالَ وَمَا
الْفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا
أَحَدُكُمْ
الشرح:
قوله:
(عن عبيد الله بن عبد الله) أي ابن عتبة بن مسعود، وقد صرح في رواية شعيب التي قبل
هذه فيه بالاخبار.
قوله:
(قال وما الفأل) ؟ كذا للاكثر بالافراد، وللكشميهني " قالوا " كرواية
شعيب.
قوله:
(الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم) وقال في حديث أنس ثاني حديثي الباب " ويعجبني الفأل
الصالح، الكلمة الحسنة".
وفي
حديث عروة بن عامر الذي أخرجه أبو داود قال " ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال: خيرها الفأل، ولا ترد مسلما، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم
لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله "
وقوله " وخيرها الفأل " قال الكرماني تبعا لغيره: هذه الاضافة تشعر بأن الفأل من
جملة الطيرة، وليس كذلك بل هي إضافة توضيح، ثم قال: وأيضا فإن من جملة الطيرة كما
تقدم تقريره التيامن، فبين بهذا الحديث أنه ليس كل التيامن مردودا كالتشاؤم، بل بعض
التيامن مقبول.
قلت:
وفي جواب الاول دفع في صدر السؤال، وفي الثاني تسليم السؤال ودعوى التخصيص وهو أقرب
وقد أخرج ابن ماجه بسند حسن عن أبي هريرة رفعه " كان يعجبه الفأل ويكره الطيرة "
وأخرج الترمذي من حديث حابس التميمي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول " العين
حق، وأصدق الطيرة الفأل " ففي هذا التصريح أن الفأل من جملة الطيرة لكنه
مستثنى.
وقال
الطيبي: الضمير المؤنث في قوله " وخيرها " راجع إلى الطيرة، وقد علم أن الطيرة كلها
لا خير فيها، فهو كقوله تعالى (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا) وهو مبني على زعمهم،
وهو من إرخاء العنان في المخادعة بأن يجري الكلام على زعم الخصم حتى لا يشمئز عن
التفكر فيه، فإذا تفكر فأنصف من نفسه قبل الحق، فقوله " خيرها الفأل " إطماع للسامع
في الاستماع والقبول، لا أن في الطيرة خيرا حقيقة، أو هو من نحو قولهم " الصيف أحر
من الشتاء " أي الفأل في بابه أبلغ من الطيرة في بابها.
والحاصل أن أفعل التفضيل في ذلك إنما هو بين القدر المشترك بين الشيئين،
والقدر المشترك بين الطيرة والفأل تأثير كل منهما فيما هو فيه، والفأل في ذلك
أبلغ.
قال
الخطابي: وإنما كان ذلك لان مصدر الفأل عن نطق وبيان، فكأنه خبر جاء عن غيب، بخلاف
غيره فإنه مستند إلى حركة الطائر أو نطقه وليس فيه بيان أصلا، وإنما هو تكلف ممن
يتعاطاه.
وقد
أخرج الطبري عن عكرمة قال: كنت عند ابن عباس فمر طائر فصاح، فقال رجل: خير خير،
فقال ابن عباس: ما عند هذا لا خير ولا شر.
وقال
أيضا الفرق بين الفأل والطيرة أن الفأل من طريق حسن الظن بالله، والطيرة لا تكون
إلا في السوء فلذلك كرهت.
وقال
النووي: الفأل يستعمل فيما يسوء وفيما يسر، وأكثره في
السرور.
والطيرة لا تكون إلا في الشؤم، وقد تستعمل مجازا في السرور ا
ه.
وكأن
ذلك بحسب الواقع، وأما الشرع فخص الطيرة بما يسوء والفأل بما يسر، ومن شرطه أن لا
يقصد إليه فيصير من الطيرة.
قال
ابن بطال: جعل الله في فطر الناس محبة الكلمة الطيبة والانس بها كما جعل فيهم
الارتياح بالمنظر الانيق والماء الصافي وإن كان لا يملكه ولا
يشربه.
وأخرج
الترمذي وصححه من حديث أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج لحاجته يعجبه
أن يسمع: يا نجيح يا راشد " وأخرج أبو داود بسند حسن عن بريدة " أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث عاملا يسأل عن اسمه، فإذا أعجبه فرح
به، وإن كره اسمه رؤي كراهة ذلك في وجهه " وذكر البيهقي في " الشعب " عن الحليمي ما
ملخصه: كان التطير في الجاهلية في العرب إزعاج الطير عند إرادة الخروج للحاجة، فذكر
نحو ما تقدم ثم قال.
وهكذا
كانوا يتطيرون بصوت الغراب وبمرور الظباء فسموا الكل تطيرا، لان أصله
الاول.
وقال.
وكان
التشاؤم في العجم إذا رأى الصبي ذاهبا إلى المعلم تشاءم أو راجعا تيمن، وكذا إذا
رأى الجمل موقرا حملا تشاؤم فإن رآه واضعا حمله تيمن، ونحو ذلك، فجاء الشرع برفع
ذلك كله.
وقال
"من تكهن أورده عن سفر تطير فليس منا " ونحو ذلك من
الاحاديث.
وذلك
إذا اعتقد أن الذي يشاهده من حال الطير موجبا ما ظنه ولم يضف التدبير إلى الله
تعالى، فأما إن علم أن الله هو المدبر ولكنه اشفق من الشر لان التجارب قضت بأن صوتا
من أصواتها معلوما أو حالا من أحوالها معلومة يردفها مكروه فإن وطن نفسه على ذلك
أساء، وإن سأل الله الخير واستعاذ به من الشر ومضى متوكلا لم يضره ما وجد في نفسه
من ذلك، وإلا فيؤاخذ به، وربما وقع به ذلك المكروه بعينه الذي اعتقده عقوبة له كما
كان يقع كثيرا لاهل الجاهلية.
والله
أعلم.
قال
الحليمي: وإنما كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل لان التشاؤم سوء ظن بالله تعالى
بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله تعالى على كل
حال.
وقال
الطيبي: معنى الترخص في الفأل والمنع من الطيرة هو أن الشخص لو رأى شيئا فظنه حسنا
محرضا على طلب حاجته فليفعل ذلك.
وإن
رآه بضد ذلك فلا يقبله بل يمضي لسبيله.
فلو
قبل وانتهى عن المضي فهو الطيرة التي اختصت بأن تستعمل في الشؤم.
والله
أعلم.
باب لا هَامَةَ
الشرح:
قوله
(باب لا هامة) كذا للجميع، وذكر فيه حديث أبي هريرة " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة
ولا صفر " ثم ترجم بعد سبعة أبواب " باب لا هامة " وذكر فيه الحديث المذكور مطولا
وليس فيه " ولا طيرة " وهذا من توارد ما اتفق له أن يترجم للحديث في موضعين بلفظ
واحد، وسأذكر شرح الهامة في الموضع الثاني إن شاء الله تعالى، ثم ظهر لي أنه أشار
بتكرار هذه الترجمة إلى الخلاف في تفسير الهامة كما سيأتي بيانه.
رد: باب فِي الْمَرْأَةِ تَرْقِي الرَّجُلَ
جزاكى الله كل خير ليالى
وجعله بميزان حسناتك
الخط صغنون اوى وجعتى عينى
وجعله بميزان حسناتك
الخط صغنون اوى وجعتى عينى
اسيل- تـــاريخ التسجيـــل : 24/04/2010
التقييـــــم : 53957
العمــــر : 39
Arab-Venus :: :: الطب النبوى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 25 يوليو 2015 - 16:14 من طرف layaly
» حديث شريف
الثلاثاء 7 يوليو 2015 - 15:49 من طرف layaly
» لا داعى للحــــزن علي خـــــادع مفقـــ ــود
الثلاثاء 7 يوليو 2015 - 9:42 من طرف layaly
» حكمة تشريع الصوم
الثلاثاء 7 يوليو 2015 - 9:38 من طرف layaly
» سجل عندك هذه بطاقتى الشخصية
الثلاثاء 7 يوليو 2015 - 9:34 من طرف layaly
» أحدث ديكورات جبس 2015 للأسقف
السبت 27 يونيو 2015 - 6:15 من طرف مصرى وأفتخر
» رمضان و المترفون
الجمعة 19 يونيو 2015 - 15:09 من طرف مصرى وأفتخر
» من صام رمضان
الجمعة 19 يونيو 2015 - 15:09 من طرف مصرى وأفتخر
» فضائل الصيام
الجمعة 19 يونيو 2015 - 15:06 من طرف مصرى وأفتخر
» وصايا رمضانية
الجمعة 19 يونيو 2015 - 15:06 من طرف مصرى وأفتخر
» دروس من رمضان
الجمعة 19 يونيو 2015 - 15:04 من طرف مصرى وأفتخر
» تعلم فى رمضان
الجمعة 19 يونيو 2015 - 15:03 من طرف مصرى وأفتخر
» محفزات التغيير فى رمضان
الجمعة 19 يونيو 2015 - 15:02 من طرف مصرى وأفتخر
» فلسفة الصيام
الجمعة 19 يونيو 2015 - 15:01 من طرف مصرى وأفتخر
» رمضان وتجديد الذات
الجمعة 19 يونيو 2015 - 15:00 من طرف مصرى وأفتخر
» أحكام الصيام
الجمعة 19 يونيو 2015 - 14:59 من طرف مصرى وأفتخر
» رمضان والتليفزيون و ... انت
الخميس 18 يونيو 2015 - 14:02 من طرف رحيق الجنة
» رمضان والمرأة المسلمة
الخميس 18 يونيو 2015 - 13:42 من طرف رحيق الجنة
» رمضان طوال العام
الخميس 18 يونيو 2015 - 13:37 من طرف رحيق الجنة
» رمضان الأخير
الخميس 18 يونيو 2015 - 13:32 من طرف رحيق الجنة