فيا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك

بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) الا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)

اقسم الله تعالي بالعصر والعصر قيل ان المراد به اخر النهار لان اخر

النهار افضله وصلاة العصر تسمي الصلاة الوسطي اي الفضلي كما سماها

النبي صلي الله عليه وسلم0

وقيل ان العصر هو الزمان واقسم الله به لما يقع فيه من اختلاف الاحوال

وتقلبات الامور ومداولة الايام بين الناس فالعصر هو الزمان الذي

يعيشه الخلق وتختلف اوقاته شدة ورخاء وحربا وسلما وصحة ومرضا
وعملا سيئا الي غير ذلك مما هو معلوم للجميع اقسم الله به علي قوله

إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)اقسم الله قسما علي حال الانسان انه في خسر

اي في خسران ونقصان في كل احواله في الدنيا والاخرة الا من استثني الله

عز وجل واتي الله عز وجل بكلمة خسر لانها ابلغ من قوله لخاسر فكان
الانسان منغمس في الخسر والخسران محيط به من كل جانب0
صورة
الا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)استثني الله سبحانه هؤلاء المتصفين بهذه الصفات الاربع00

الصفة الاولي00 الايمان الذي لايخالجه شك ولاتردد بما بينه الرسول صلي

الله عليه وسلم حين ساله جبريل عن الايمان قال00ان تؤمن بالله وملائكته

وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره00

فالذين امنوا بهذه الاصول السته هم المؤمنون ولكن يجب ان يكون ايمانا

لاشك معه ولاتردد اي تؤمن بهذه الاشياء وكانك تراها راي العين

والناس في هذا المقام تنقسم ثلاثة اقسام00

1-مؤمن خالص الايمان لاشك فيه ولاتردد

2-كافر جاحد منكر

3-متردد

صورة

الا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ

فمعناه انهم قاموا بالاعمال الصالحة من صلاة وزكاة وصيام وحج وبر والدين

وغير ذلك والصالحات هي الاخلاص لله عز وجل والمتابعه للرسول صلي الله عليه وسلم

فالعمل اذا لم يكن خالصا لله فهو مردود فلو قمت تصلي مراءاة للناس

او تصدقت مراءاة للناس فالعمل مردور ولايقبل

ولابد ايضا ان يكون علي هدي النبي ولايكون بدعه فلابد من الاتباع

وهذا يحتاج جهاد نفس وهو علي اربع مراتب000

1-ان يجاهدها علي تعلم الهدي ودين الحق الذي لافلاح لها ولاسعادة

في معاشها ومعادهاالا به0
2-ان يجاهدها علي العمل به بعد علمه

3-ان يجاهدها علي الدعوه اليه وتعليمه من لايعلمه
4-ان يجاهدها علي الصبر علي مشاق الدعوة الي الله

وهذه السورة العظيمة اقسم الله بهاعلي ان كل انسان فهو في خيبة وخسر

مهما كثر ماله وولده وعظم قدره وشرفه الا من جمع هذه الاوصاف

الاربعة00

1-الايمان ويشمل كل مايقرب الي الله تعالي من اعتقاد صحيح وعلم نافع

2- العمل الصالح وهو كل قول او فعل يقرب الي الله تعالي بان يكون فاعله

لله مخلصاولمحمد صلي الله عليه وسلم متبعا اي علي هديه

3-التواصي بالحق وهو التواصي علي فعل الخير والحث عليه والترغيب

فيه

4-التواصي بالصبر بان يوصي بعضهم بعضا بالصبر علي فعل اوامر

الله تعالي وترك محارم الله وتحمل اقدار الله والتواصي بالحق والتواصي

بالصبر يتضمنان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين بهما قوام

الامة وصلاحهاونصرها وحصول الشرف والفضيلة لها0

كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)

قال الامام الشافعي 00

لو ماانزل الله حجة علي خلقه الا هذه السورة لكفتهم000
لانها اشتملت علي ان كل الناس ايلون الي هلاك وخسار الا اهل هذه

الاوصاف وهم اهل الايمان

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ

فالله سبحانه وتعالي لاينظر الي العباد الي اجسامهم هل هي كبيرة او صغيرة
او صحيحة او سقيمة ولاينظر الي الصور هل هي جميلة او ذميمة كل هذا ليس بشئ عند الله وانما ينظر الي القلوب فالقلوب هي محل حب الله تعالي

فان العبد يحب ربه بقلبه وان الرب يحب من العبد قلبه لانه يحب من

العبد طاعته واعظم الطاعات طاعات القلب0

والقلوب هي محل التكليف فان المكلف هو القلب فاذا اطاع القلب ربه

امر سائر الجوارح بالطاعة وقد يلتزم القلب الطاعة وينوي عملها

ولايستطيع فعلها مثل كان يلتزم الجهاد ويتمني ان يجاهد وان لاياكل

الا من ذبائح المسلمين ثم هو مريض لايستطيع المدافعة فيسقط عنه الجهاد
بالعذر لانه مريض وهو كذلك فقير لايستطيع اكل اللحم لكن يكتب له

فضل الجهاد وهو لم يجاهد ويكتب له تحري اكل الحلال وهو لايقدر عليه

فالطاعة هي في الاصل طاعة القلب وتؤديها الجوارح ان استطاعت0

صورة

واعلم ان في الجسد لمضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد

الجسد كله الا وهي القلب فان صلحت اعمال القلوب صلحت كل الاعمال

الظاهرة القولية والبدنية والمالية 0

وعبادات القلوب اساس لنيل الدرجات العالية من الجنة00

فقد فاز الانبياء بالدرجات العالية من الجنة لتميزهم بعبادات

القلوب فابراهيم عليه السلام000كان عظيم التوكل

وايوب عليه السلام كان عظيم الصبر

وعيسي عليه السلام كان عظيم الزهد

وادم عليه السلام كان عظيم التوبة

ونبينا محمد صلي الله عليه وسلم قد جمع له ذلك كله

وعبادات القلوب اساس لنيل درجات الدين00

فدرجات الدين هي الاسلام ثم الايمان ثم الاحسان

والاحسان هو اعظم مرتبة في الدين ومبتغي العاملين وجهاد الصالحين

والاحسان مبني علي المراقبة لله وهي عبادة قلبية صرف

000وعبادات القلب تعوض عن عبادات الجوارح000

قال صلي الله عليه وسلم00من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات علي شعبة من نفاق0000

فمن لم يستطع الغزو وعزم عليه ان استطاع اخذ اجر الغزاة في سبيل

الله فان العزم والنية من عمل القلب الذي يحل محل الفعل0

فعلينا بمراقبة قلوبنا والتخلص من اسباب فسادهاومن هذه الاسباب000

1-انشغال القلب بغير الله

2-انشغال القلب بتحصيل المناصب

3-انشغال القلب بحب الدنيا والنساء

4-انشغال القلب بحسد الناس

5- انشغال القلب بالبحث عن معايب الناس والغل لهم وحب الانتقام منهم

فعلينا اخوتي ان ننشغل بانفسنا وبعيوبنا نحن واذا انشغلنا باصلاح عيب واحد فقط فينا والله لياخذ منا سنوات حتي نصلحه
فالننشغل بانفسنا نحن
ولنعلم اذا اشرنا باصبع واحد علي احد فاعلم انه هناك ثلاثة اصابع تشير عليك

فيا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك