كيف نحل مشاكلنا؟

كيف نحل مشاكلنا؟

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد،

فمشاكلنا كثيرة وعديدة، تحدث على مستوى الفرد والجماعة والدولة، وهي متفاوتة زماناً ومكاناً وشخصاً، وتختلف وتتنوع أسبابها ودوافعها، وبالتالي فإن أساليب علاجها ينبغي أن تتكافأ مع صورها وأشكالها.

ومن المشاكل ما هو صحي أو مالي أو أسري يتعلق بمشاكل الأزواج والأولاد، فالبعض مثير للمشاكل، ومنها ما يتعلق بسياسة أو اقتصاد أو اجتماع أو أخلاق أو خرب أو سلم، والعصر الذي نعيش فيه هو عصر العقوق والقلق والتفسخ والجريمة؛ مما أحدث أزمات ومشاكل عديدة هنا وهناك، وبينما انشغل البعض بعلاج المشاكل وإنشاء خراب والجريمة؛ مما أحدث أزمات ومشاكل عديدة هنا وهناك، وبينما انشغل البعض بعلاج المشاكل وإنشاء إدارات للأزمات ومراكز للبحوث، انصرف آخرون لعد قدرتهم على مواجهة المشكلة ولجأ فريق إلى المخدرات والخمر هروباً ونسياناً.

إن المشاكل التي تعترضنا بعضها كبار وبعضها صغار، وقد يتولد بعضها من بعض، ويؤثر بعضها في البعض، وهي في الأعم الأغلب مسائل مؤرقة تستدعي تدخلاً وحلاً لإزالة الإشكال والالتباس، وقد نقسم الدنيا ولا نقعدها من أجل مشكلة خاصة وأحياناً تكون مفتعلة، ونتناسى ونغفل ما هو أعظم منها، أو أن نكون كمن ينشغل بالصداع مع نسيان أصل المرض الذي ولَّد هذا الصداع.

وواهم من يظن أنه حلاّل العُقد أو يعتقد ذلك في غيره، وواهم أيضًا من يتصور حل مشكلة دون الاستعانة بخالق الأرض والسموات أو دون الرجوع لمنهج العبودية الذي ارتضاه الله -سبحانه وتعالى-.

فالبشر يعانون من نقص وقصور، وقد زادت الجهالة حدة، والكثرة لا تدري شيئاً عن شيء، ولذلك عبر أحدهم عن هذه المعاناة فقال

جئت من أين لا أدري ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت

فهو لا يدري من خلقه؟ ولماذا خلق؟ وإلى أين المصير؟

وهذه مشكلة عندما تنطمس الفطرة، ويغيب العقل وتنطفئ البصيرة، ويتباعد الناس عن الوحي المنزل (وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (الإسراء:72)، (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الملك:22)، (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) (الأعراف:146)، (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحج:46)

إن كثرة المشاكل من مظاهر الغربة التي نعيشها، ونتيجة حتمية للتفسخ والبُعد عن دين الله، حتى حدث الانقسام المريب بين الأرض والسماء، والدنيا والآخرة، وفصل العلم عن العمل في حس وشعور الكثير مما أدى إلى المزيد من المشاكل.

إن الله -تعالى- هو خالق الخلق ومالك الملك، وهو -سبحانه- العليم الخبير الرءوف الرحيم (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك:14)، (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (الأعراف:54)، وقد شرع لنا شرعاً محكماً لا يأتيه الباطل من بيد يديه ولا من خلفه، ومن رحمته -جل وعلا- أن أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً) (المائدة:3)

ورغم شمول الدين لكل ناحية من نواحي الحياة إلا أننا هجرنا كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصار الإسلام ينادينا من مكان بعيد، من يوم بدْر وأُحد (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) (آل عمران:144)

لقد صارت حياتنا مادية طاغية، لا نفكر إلا بعضلاتنا، ولا نعول إلا على الحول والطول وإجراء التجارب على الحيوانات، واستيراد الحلول من الشرق والغرب بعيداً عن المنهج الذي أُمرنا به، نسينا إيماننا وديننا، وصرنا لا نوقر إلا الخبير الاقتصادي فلان، والطبيب العالمي علان، بينما نسمع كلام رب العاليمن وكأن المخاطب به غيرنا؛ ولذل ازدادت المشاكل تعقيداً، وكنا كالمستجير من الرمضاء بالنار أو

كالعيس بالبيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول

نعالج الفقر بالربا، ونربي أولادنا على فنون الرقص والضياع، ونرتمي في أحضان المغضوب عليهم تارة، والضالين تارة أخرى، ولذلك فالمشاكل تزداد تعقيداً يوماً بعد آخر، وما جنينا من وراء ذلك إلاى المزيد من التعاسة والشقاء (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى . وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى . وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) (سورة طه:123-126)

إن من يُطلَب منه حل المشاكل اليوم لا يستطيع حل مشاكله في الأعم الأغلب، وهذا على مستوى الفرد والدولة، فلا دراية بالداء ولا بالدواء، ومحاولة البعض علاج المشاكل صارت أقرب إلى إيجاد المزيد من المشاكل، وصار الحال أشبه بدوامة تكاد لا تنتهي.

والمشاكل كثيرة ومتنوعة ومتجددة، وطريق العلاج الصحيح هو وضع اليد على الداء والدواء الحقيقي، فما أ،زل الله داءً إلى أنزل له دواءً، وقد جعل الله -سبحانه- كتابه شفاءً لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين.

والظلمات كثيرة لا تنحصر أما النور فهو واحد، فاعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف من أتاه، واسلك طريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين.

وللحديث بقية -إن شاء الله تعالى-.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

لفضيلة الشيخ

سعيد عبد العظيم

بارك الله فيكى ليالى

وجزيتى عنا خيرا

كيف نحل مشاكلنا؟

كيف نحل مشاكلنا؟

رد: كيف نحل مشاكلنا؟