يقول المفسرون والمؤرخون: لم يفصل القرآن الكريم من قصة يعقوب سوى
حزنه على فراق يوسف، لذلك فإن ما يذكر في الكتب عن يعقوب منقول من التوراة
والاصحاحات.

فيعقوب ورد اسمه في القرآن الكريم في عشر سور: البقرة وآل عمران والنساء
والانعام وهود ويوسف ومريم والانبياء والعنكبوب وص.

أما نسبه فهو يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم السلام، وأمه رفقة بنت
بتوئيل ويقال بأن يعقوب هو أحد توأمي نبي الله اسحاق وهما عيسى ويعقوب الذي
يسمى اسرائيل ايضا.

عاش يعقوب عند خاله لابان في العراق، فزوجه بنتيه لئيل وراحيل، ولابان
عندما زوجهما من يعقوب اهدى كلا منهما جارية. وهما بدورهما أهدتا الجاريتين
الى يعقوب الزوج، وبذلك صار يعقوب لأربع زوجات هن: ليئة وراحيل وزلفا
وبلهة. اما ليئة فقد أنجبت له روبين وشمعون ولاوي ويهوذا ويساكر وزبولون.

وأما راحيل فأنجبت له يوسف وبنيامين، كما أنجبت له بلهة دان ونفتالين،
وأنجبت زلفا جاد وأشير، وبذلك صار يعقوب في غمضة عين زوجا لأربع زوجات وأبا
لاثني عشر ولدا عرفوا بالاسباط فيما بعد، وتوفي عنهم بعد ان بلغ 180 سنة
ودفن في الخليل بفلسطين.

- ولنقف مع يعقوب عدة وقفات أيضا:

1- لم يخرج يعقوب الى خاله بعيدا عن أبويه لولا جفوة عيسى توأمه له، فهو
كان يرى ان يعقوب أحب الى قلب أمه فكان يكرهه، لذلك فإن أباه اقترح عليه ان
يبتعد فأخذ باقتراحه ولم يعد الى مسقط رأسه الا بعد ان تزوج وعرف ان عيسي
لان قلبه قليلا.

2- لم يكن تعدد الزوجات يمنا على يعقوب، بل كان سببا في كل محنته التي
لاقاها فيما بعد بسبب كيد إخوة كانوا من أربع زوجات.

3- كانت راحيل والدة يوسف وبنيامين أحب الى قلب يعقوب، لأنه أرادها زوجة له
من البداية، لولا ان خاله قال: لا أزوجك الصغرى قبل الكبرى، فطلب منه
يعقوب ان يزوجه إياها فقال اخدمني عشر سنوات اخرى حتى أزوجك إياها والآن
تزوج لية فتزوجها، ثم تزوج راحيل بعد عشر سنوات عن عشق.

4- كان يوسف ايضا احب الى قلب يعقوب، وقد كان يرى فيه النجابة وأثر النبوة،
لكن هذا لم يرض إخوته فكادوا له فافتعلوا قصة الذئب الذي كان بريئا من دم
يوسف.

5- قاسى يعقوب من فقد يوسف كثيرا، ولكن ربما كان هو السبب لأنه قرب يوسف
وأخاه بنيامين اكثر، مما جعل إخوته يفكرون في التخلص منه، وقبل ان يقدموا
على فعلتهم رأى يوسف رؤيا فقال لأبيه: “يا أبت اني رأيت احد عشر كوكبا
والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين”، عندئذ أحس يعقوب بخطورة الموقف فقال
ليوسف: “يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ان الشيطان
للانسان عدو مبين”.

- ذهب الاخوة ونفذوا مؤامرتهم واتفقوا على ان الاسلوب الأمثل ان يوضع يوسف
في الجب فلعل قافلة تلتقطه وتأخذه بعيدا عن عيونهم وعين أبيه، فاحتالوا على
الأب المسكين وأخذوا يوسف بحجة انه سوف يخرج معهم للتنزه، فقال الأب: “اني
ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف ان يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون، قالوا لئن
أكله الذئب ونحن عصبة انا اذا لخاسرون”.

- نعم ذهبوا به ووقع ما توقعه يعقوب فألقوه في الجب وجاؤوا يبكون ويتصنعون
بالدم الكذب وقالوا الذئب أكله.

- لم يصدقهم يعقوب وقال: “بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله
المستعان على ما تصفون”.

- هذه الحادثة لم تمر على يعقوب بسلام، فحزن حزنا شديدا، وبكى حتى عميت
عيناه واستسلم لقضاء الله.
د.عارف الشيخ
منقول من جريدة الخليج
الإمارات
19-10-2004